حياة القلوب ، الطريق إلى السعادة

-A A +A

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين،

كلنا بحاجه الى الشعور بالطمأنينة والسعادة وكل منا لديه تخيل معين حول السعادة وحول طرق الوصول إليها. يسعدني أن أقدم لكم في هذا المقال ما أراه الوصفة المثالية لتحقيق الطمأنينة بناءاً على كتاب الله عز وجل وعلى سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ..

ا. إعلم أخي القارئ أن لا سعادة رحبه ومتواصلة إلا بأن يكون الله ورسوله أحب إليك مما سواهما. قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح عند الإمام البخاري برواية أنس بن مالك “ ثلاثٌ من كنَّ فيه وجد حلاوةَ الإيمانِ : أن يكونَ اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهُما ، وأن يُحِبَّ المرءَ لا يُحِبُّهُ إلا للهِ ، وأن يكرهَ أن يعودَ في الكفرِ كما يكرهُ أن يُقْذَفَ في النارِ ”

ب. بناءاً على ذلك فإن طاعة الله عز وجل بأداء الفرائض ، العمل الصالح وإجتناب المعاصي هي ركن أساسي لتحقيق لذة الإيمان وسكينة القلوب. يقول الله سبحانه وتعالى في سياق توصيته لسيدنا آدم بعد إخراجه من الجنة وبعد أن قام الله عز وجل بتحذيره مسبقاً من الشيطان الرجيم: “قالَ اهبِطا مِنها جَميعًا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ فَإِمّا يَأتِيَنَّكُم مِنّى هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُداىَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشقىٰ ﴿١٢٣﴾ وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكرى فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيـٰمَةِ أَعمىٰ ﴿١٢٤﴾ ”

ج. إنتبه إلى أن الطاعة تشرح الصدر وتزيل الهم وبأن المعصية تحجب الطمأنينة عن الصدر.  فكلما وضعت الله عز وجل ورضاه نصب عينيك ، وضعك الله سبحانه وتعالى نصب عينيه وأمددك بالطمأنينة والراحة الروحية التي لا تعدلها كنوز الأرض جميعاً من المال والذهب والمساكن. وهذا الأمر واضح وجلي فيما يقوله الله عز وجل في الحديث القدسي الصحيح الذي رواه أبو هريره واصفاً ثواب المتقربين إليه: “يقولُ اللهُ تعالى : من عادى لي وليًا فقد بارزني بالمحاربةِ ، وما تقرب إليّ عبدي بمثلِ أداءِ ما افترضته عليه ، ولا يزالُ عبدي يتقربُ إليّ بالنوافلِ حتى أحبَّه ، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمعُ به وبصرَه الذي يُبصِرُ به ويدَه التي يَبطشُ بها ورجلَه التي يمشي بها ، فبي يسمعُ وبي يُبصرُ وبي يَبطشُ وبي يمشي ، ولئن سألني لأُعطينه ولئن استعاذني لأُعيذنه ، وما ترددت في شيءٍ أنا فاعلُه ترددي في قبضِ نفسِ عبدي المؤمنِ يكرهُ الموتَ وأكرهُ مساءتَه ولابدَّ له منه ”

وإن أصابك الشيطان بنزغ وأوقعك في معصيه فإعلم أن الله تعالى يحب التوابين فما عليك إلا أن تستغفره سبحانه وتعالى. فالندم على المعصية كفاره. وتذكر دوماً إسمه سبحانه وتعالى " الغفور" ، فلو كنا منزهين عن الخطأ لما حثنا الله عز وجل على طلب المغفرة.

وبهذا فأن السعادة والسكينة تتحقق بإتصال القلب بالخالق جل في علاه وذلك بالإمداد الروحي والمعنوي الذي يبثه الله عز وجل في قلب عبده المؤمن وكذلك عبر الفوائد المباشرة المنبعثة عن الإمتثال لأوامر الله عز وجل وفي إجتناب المعاصي .. فمن منا ينكر فوائد الوضوء (خاصة بالماء البارد) فهو ينشط الدورة الدموية ويبعث النشاط في الجسم .. ومن منا ينكر أثار المعاملة الحسنه والكلمة الطيبة .. ومن منا ينكر فوائد الصيام الجسدية والروحية .. ومن تكاسل يوماً عن صلاة الفجر في وقتها يعلم حق المعرفة أثر ذلك في النفس في ذلك النهار من كسل وسلبيه .. فالعلم الحق والحلول كلها في كتاب الله وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام .. يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النمل واصفاً القرءان الكريم "وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ ﴿٧٧﴾"

د. واظب على قراءة ما تيسر من القرءان الكريم في كل يوم وليله. فبه التذكير والبشرى وبه تتنزل السكينة والرحمة. قال صلى الله عيه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريره عند الإمام مسلم ”لا تجعلوا بيوتَكم مقابرَ . إنَّ الشيطانَ يِنْفِرُ من البيتِ الذي تُقرأُ فيه سورةُ البقرةِ ”

هـ. واظب أخي المسلم على الصلاة في المسجد وحافظي أختي المسلمة على الصلاة على وقتها في بيتك. قم بأداء الفريضة في المسجد وصلي السنة والنوافل على الأغلب في بيتك ، فإن ذلك من السنة.

و.  رتب يومك وواجباتك مع أوقات الصلاة فبذلك لا تفوتك صلاة ولا تنقطع من رحمته سبحانه وتعالى. أدي حق الله يوفقك الله.

ز. داوم على ذكر الله عز وجل وذلك يشمل أذكار اليوم والليلة ، أذكار الطعام ، أذكار الدخول للمنزل وأذكار الخروج منه وغيرها من الأذكار. كذلك أذكر الله سبحانه وتعالى في كل حين ووقت ، في نفسك أو بلسانك ، وذلك يشمل التهليل ، التسبيح ، التحميد ، التكبير ، الإستغفار والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم. قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه أبو ذر الغفاري ” يُصْبِحُ على كلِّ سُلَامَى (أي على كل مفصل) من أحدِكم صدقةٌ ، فكلُّ تسبيحةٍ صدقةٌ ، وكلُّ تحميدةٍ صدقةٌ ، وكلُّ تهليلةٍ صدقةٌ ، وأَمْرٌ بالمعروفِ صدقةٌ ، ونَهْيٌ عن المنكَرِ صدقةٌ ، ويُجْزِئُ من ذلك كلِّه ركعتانِ تَرْكَعُهُما من الضُّحَى ”

ختاماً أوصيك بأن تتأمل وتحفظ هذا الحديث النبوي العظيم الصحيح الذي رواه أنس بن مالك عند الألباني ، قال عليه الصلاة والسلام ” مَن كانتِ الآخرةُ هَمَّه . جعل اللهُ غِنَاه في قلبِه وجَمَع له شَمْلَه ، وأَتَتْه الدنيا وهي راغمةٌ ، ومَن كانت الدنيا هَمَّه . جعل اللهُ فقرَه بين عَيْنَيْهِ ، وفَرَّق عليه شَمْلَه ، ولم يَأْتِهِ من الدنيا إلا ما قُدِّرَ له ” .. فطوبى لمن وضع الله واليوم الآخر نصب عينيه.

هذه بعض النقاط التي رغبت أن أعرضها ، وهي محطات مهمه على درب الفلاح والنجاح في الدارين. قم بمراجعة نفسك من حيث التقصير وقم بإجراء التعديلات المناسبة. إعمل وتوكل على الحي الذي لا يموت واعلم أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين.

Comments

التعليقات

بارك الله فيك

إضافة تعليق